عباس يوجه دعوة لحماس لتسليم الرهائن والأسلحة في رسالة قوية

كتب: سعيد شريف
دعا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس حركة حماس إلى الإفراج عن الرهائن والتخلي عن مسؤوليتها عن قطاع غزة وتسليم سلاحها للسلطة الفلسطينية والتحول إلى حزب سياسي.
وفي كلمته خلال افتتاح الدورة 32 للمجلس المركزي الفلسطيني في رام الله يوم الأربعاء قال عباس: “حماس منحت الاحتلال المجرم ذريعة لارتكاب جرائمه في قطاع غزة وأبرزها احتجاز الرهائن وأنا من يدفع الثمن وشعبنا هو من يتحمل العواقب”.
وأشار عباس إلى أن القيادة الفلسطينية حددت أربع أولويات في هذه المرحلة وهي:
- وقف الحرب على غزة
- انسحاب الجيش الإسرائيلي
- رفع الحصار عن القطاع
- وضمان تدفق المساعدات الإنسانية
- بالإضافة إلى منع تهجير السكان وتثبيتهم في أرضهم
- حماية القضية الفلسطينية على المستوى الدولي والعمل وفق الشرعية الدولية.
كما وجه عباس رسالة صارمة لحركة حماس مطالبا إياها بالإفراج عن الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم.
وأكد عباس على أهمية أن تتواصل حماس مع السلطة الفلسطينية بدلا من الاعتماد على الولايات المتحدة الأمريكية مشيرا إلى أن “العالم ظالم وأمريكا ظالمة”.
وأضاف أن “حماس منذ انقلابها على الشرعية الوطنية تسببت في أضرار جسيمة للقضية الفلسطينية ومنحت الاحتلال مبررات مجانية لمؤامراته وجرائمه في الضفة الغربية وقطاع غزة”.
وشدد على أن الفلسطينيين يسعون لتحقيق سلام عادل ويطالبون بحقوقهم المعترف بها دوليا معتبرا أن قبولهم بإقامة دولة على 22% من أرض فلسطين التاريخية يعكس حرصهم على الحل السياسي.
من جهته اتهم باسم نعيم القيادي في حركة حماس وعضو مكتبها السياسي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بـ”التطاول على شريحة واسعة من أبناء الشعب الفلسطيني” و”الاستمرار في انتهاك شرعية التمثيل الوطني الفلسطيني”.
جاء ذلك ردا على تصريحات عباس خلال اجتماع وصفه نعيم بأنه “مغتصب للشرعية” حيث ادعى أن عباس استخدم ألفاظا نابية تجاه جزء كبير وأصيل من الفلسطينيين.
وتساءل نعيم في منشور على صفحته الرسمية عما إذا كان عباس الذي يعتبر “مهندس اتفاقية أوسلو” قد ساهم في إضعاف الموقف الفلسطيني مما أتاح للاحتلال الإسرائيلي الاستمرار في سياساته المتعلقة بالتهويد وضم الأراضي والسيطرة على المسجد الأقصى وارتكاب انتهاكات ممنهجة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية مثل هدم المنازل واعتقال الآلاف وأشار نعيم إلى أن هذه السياسات تصل إلى حد محاولات “شطب الوجود الفلسطيني نهائيا”.
كما اتهم نعيم عباس بتكرار مواقف مشبوهة حيث يحمل الشعب الفلسطيني مسؤولية “جرائم الاحتلال” معتبرا أن هذا النهج يتماشى مع رواية الاحتلال الإسرائيلي ويعفيه من المساءلة الدولية وأكد أن مثل هذه التصريحات تضعف الموقف الفلسطيني وتفكك الصفوف في وقت يحتاج فيه الشعب إلى الوحدة لمواجهة التحديات الكبرى.
فتح وحماس: تاريخ الخلاف والصلح
أصدرت حركة حماس بيانا في وقت سابق أكدت فيه أن اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني في هذا التوقيت الحساس يمكن أن يمثل فرصة حقيقية لتوحيد الموقف الوطني لمواجهة السياسات الإسرائيلية التي تستهدف الإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة بالإضافة إلى عمليات التطهير العرقي والتهجير القسري في الضفة الغربية والقدس.
وأشار البيان إلى أن هذا الاجتماع يأتي بعد أكثر من عام ونصف من اندلاع الحرب واعتبره ناقصا ولا يعكس الإجماع الوطني حيث لا يشمل جميع مكونات الشعب الفلسطيني.
وفي سياق متصل نفى مصدر قيادي في حركة حماس لبي بي سي وجود وفد من الحركة في القاهرة حاليا لمناقشة ما يشاع عن أفكار جديدة أو مبادرة لوقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة وأوضح المصدر أن “موعد وصول هذا الوفد لم يحدد بعد”.
وأفادت عدة مصادر مصرية وفلسطينية يوم الثلاثاء بأن وفدا من حماس قد وصل إلى القاهرة لمناقشة مبادرة جديدة اقترحها الوسيطان المصري والقطري تتعلق بهدنة تمتد من 5 إلى 7 سنوات بين إسرائيل وحماس.
وتتضمن هذه المبادرة تسليم جميع الرهائن ووقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة بالإضافة إلى قبولها بإدارة فلسطينية مستقلة للقطاع.
وأشار مصدر آخر مقرب من الحركة لبي بي سي إلى أن هذا الاقتراح “رغم كونه مقبولا من حيث المبدأ إلا أنه يتطلب موافقة إسرائيل قبل أن يتم طرحه رسميا من قبل الوسطاء على الحركة”.
وتوقع المصدر نفسه أن يزور وفد من الحركة القاهرة خلال الأيام المقبلة لمناقشة ملف التفاوض دون أن يحدد أي مسار ستتخذه تلك المفاوضات.
في المقابل دعا السفير الأمريكي الجديد لدى إسرائيل مايك هاكابي حماس إلى قبول صفقة تضمن إطلاق سراح الرهائن مقابل إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
ودعت حركة حماس إلى “اتفاق شامل” يضمن إنهاء الحرب معارضة المقترح الإسرائيلي الأخير الذي يتضمن هدنة مؤقتة لإطلاق سراح الرهائن مصحوبا بدعوات لنزع سلاح الحركة الفلسطينية.
وفي يوم الأربعاء نشرت حماس مقطع فيديو على حسابها في تلجرام يظهر الرهينة عمري ميران البالغ من العمر 48 عاما حيث عبر عن معاناته في ظل احتجازه مع اقتراب عيد ميلاده الثاني داعيا الإسرائيليين إلى تنظيم تظاهرة “كبيرة” أمام منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وأكد الأسير أنه يعيش في حالة من الخوف المستمر بسبب القصف المتواصل مشيرا إلى ضرورة أن تتوصل الحكومة إلى صفقة فورية حتى لا يعودوا إلى منازلهم في توابيت مضيفا أن الضغط العسكري لا يؤدي إلا إلى قتل الأسرى.
وأشار إلى أن “الصفقة الفورية” هي الحل الوحيد لإطلاق سراح الرهائن.
وخاطب عمري رئيس الحكومة ووزير الشؤون الاستراتيجية المقرب منه رون ديرمر بالإضافة إلى وزيري الأمن القومي والمالية إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش متهما إياهم بأنهم السبب وراء الأحداث التي وقعت في السابع من أكتوبر 2023.
ولم تحقق المحادثات أي تقدم ملحوظ حتى الآن منذ أن استأنفت إسرائيل هجومها الجوي والبري في 18 مارس منهية بذلك وقف إطلاق نار استمر لمدة شهرين.
وعلى الصعيد الدولي دعت كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا إسرائيل إلى التوقف عن عرقلة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة محذرة من “خطر كبير يتمثل في الموت جوعا وانتشار الأوبئة”.
وفي بيان مشترك صدر يوم الأربعاء قال وزراء خارجية الدول الثلاث: “يجب أن يتوقف هذا نحث إسرائيل على استئناف تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة بشكل فوري وسريع ودون أي عوائق لتلبية احتياجات جميع المدنيين”.
في هذا الإطار يعقد الكابينت الإسرائيلي اجتماعا يوم الخميس لمناقشة مقترحات الجيش الإسرائيلي بشأن آلية توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة وفقا لما ذكرته هيئة البث الإسرائيلية.
كما أفادت صحيفة “يسرائيل هيوم” بأن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير قد عرض أمام الكابينت الأمني والسياسي مساء الثلاثاء ثلاثة مبادئ رئيسية للتعامل مع الأزمة الإنسانية في غزة وهي:
- ضمان عدم وصول الوضع في القطاع إلى مرحلة المجاعة
- بذل أقصى الجهود لمنع وصول المساعدات إلى حركة حماس
- والتأكيد على أن الجيش الإسرائيلي لن يتولى بشكل مباشر توزيع المساعدات على سكان غزة.
من جهة أخرى أكد البيت الأبيض يوم الثلاثاء عدم وجود أي خلاف بين الولايات المتحدة وإسرائيل مشيرا إلى أن المكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيس دونالد ترامب ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تناولت الملف الإيراني.
وكتب ترامب على حسابه في موقع تروث سوشال: “تحدثت للتو مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو حول عدة مواضيع بما في ذلك التجارة وإيران وغيرها”.
وأضاف: “كانت المكالمة مثمرة للغاية ونحن متفقون على جميع القضايا” ويذكر أن ترامب ونتنياهو قد اجتمعا في البيت الأبيض قبل أسبوعين.
وأكد ترامب أنه لن يسمح لحركة حماس بالسيطرة على قطاع غزة بعد انتهاء الحرب مشيرا إلى تحقيق بعض التقدم في جهود السلام في الشرق الأوسط.
“لم يتبق سوى الرأس والعظام”
على الصعيد الميداني أسفرت الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مناطق متفرقة من غزة عن مقتل 18 فلسطينيا وإصابة آخرين ولا يزال عدد من القتلى تحت الأنقاض.
وأعلنت هيئة الدفاع المدني في غزة يوم الأربعاء أن فرقها انتشلت جثثا متفحمة من مدرسة تم تحويلها إلى مأوى للنازحين.
وروى بعض الأطفال النازحين في مدرسة يافا تجاربهم حيث قال أحدهم: “لقد شهدنا دمارا هائلا! كنا نائمين عندما سمعنا صوتا قويا وعندما خرجنا فوجئنا بحريق في بعض الصفوف”.
وأضاف: “عندما خرجنا تعرضنا للقصف مرة أخرى ما ذنبنا؟! نتمنى أن نكون مثل أطفال العالم”.
فيما دعا طفل آخر الدول العربية إلى دعم غزة قائلا: “نحن في المدرسة منذ عام ونصف نتحمل الجوع والعطش ما ذنبنا؟!”.
وقالت إحدى الأمهات: “لقد خرجنا بمعجزة كل من احترقوا كانوا أطفالا صغارا وقد احترقت الخيام والناس نيام”.
وذكر آخر: “استيقظنا على صوت الانفجارات لقد احترقت المدرسة بالكامل ولم يتبق فيها أحد من النازحين”.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل لوكالة فرانس برس: “قتل 17 شخصا منذ الفجر”.
وأوضح أن 11 من القتلى بينهم نساء وأطفال سقطوا جراء غارة جوية استهدفت مبنى مدرسة يافا في حي التفاح بمدينة غزة مما أدى إلى اندلاع حريق كبير وتم انتشال العديد من الجثث المتفحمة منذ ذلك الحين.
كما أفاد الدفاع المدني بمقتل أربعة آخرين نتيجة قصف إسرائيلي استهدف منازل شرق مدينة غزة بالإضافة إلى مقتل طفل في غارة جوية على منزل في منطقة جباليا شمال القطاع وشخص آخر في قصف مماثل في مدينة خان يونس الجنوبية.
وأكد بصل أن فرق الإنقاذ تلقت نداءات استغاثة من عدة مناطق في غزة مضيفا: “نحن نفتقر إلى الأدوات والمعدات اللازمة لتنفيذ عمليات إنقاذ فعالة أو انتشال جثث الشهداء”.
وأشار الدفاع المدني عبر تلجرام إلى أن طواقمه “تمكنت بصعوبة وتحت ظروف خطيرة” من الوصول إلى المنازل التي تعرضت للقصف والتدمير الإسرائيلي في شارع النخيل شرق حي التفاح في مدينة غزة.
الجيش الإسرائيلي لم يصدر أي تعليق بشأن الغارات الأخيرة.
منذ استئناف الحملة العسكرية الإسرائيلية قتل ما لا يقل عن 1928 فلسطينيا في غزة ليصل إجمالي عدد القتلى منذ بداية الحرب إلى 51305 على الأقل بالإضافة إلى إصابة 117096 فلسطينيا وفقا لوزارة الصحة في غزة.
تأتي هذه الأحداث في أعقاب هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 والذي أسفر عن مقتل 1218 إسرائيليا وفقا لإحصاءات وكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات رسمية من إسرائيل.
صاروخ يمني “فرط صوتي” نحو إسرائيل
في سياق متصل أعلن الجيش الإسرائيلي فجر الأربعاء عن إطلاق صاروخ من اليمن باتجاه شمال البلاد مشيرا إلى أنه “تم على الأرجح اعتراضه بنجاح”.
وأوضح الجيش في بيان له أن صفارات الإنذار انطلقت في حيفا ومناطق أخرى في شمال إسرائيل لتحذير السكان من هذا التهديد مضيفا أنه “تم إطلاق صاروخ اعتراضي باتجاه الصاروخ الذي يعتقد أنه تم اعتراضه بنجاح”.
وأشار إلى أن “نتائج الاعتراض لا تزال قيد الدراسة”.
أفاد المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع بأن الجماعة نفذت هجوما على “هدف حيوي للعدو في حيفا المحتلة باستخدام صاروخ باليستي فرط صوتي”.
وأشار في بيانه إلى أن الصاروخ “وصل إلى هدفه في حيفا وأن أنظمة الدفاع لدى العدو فشلت في اعتراضه” مما أدى إلى حالة من الخوف والذعر بين الإسرائيليين وفقا لما ذكره الحوثيون.
من جانبها أعلنت خدمات الإسعاف الإسرائيلية أنه لم يتم تسجيل أي إصابات باستثناء بعض الحالات الطفيفة التي وقعت أثناء توجه السكان إلى الملاجئ.
ومنذ بداية الحرب في غزة في أكتوبر 2023 أطلق الحوثيون صواريخ وطائرات مسيرة نحو إسرائيل معتبرين ذلك تعبيرا عن تضامنهم مع الفلسطينيين.
كما استهدفوا سفنا يزعمون أنها مرتبطة بإسرائيل أثناء عبورها في البحر الأحمر الذي يعتبر ممرا حيويا للتجارة العالمية.
وبعد توقف هجماتهم خلال فترة وقف إطلاق النار التي استمرت شهرين هدد الحوثيون باستئناف الهجمات على الشحن الدولي بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة.
وفي رد فعل على ذلك يشن الجيش الأمريكي غارات جوية شبه يومية على المتمردين منذ 15 مارس في محاولة لمنعهم من تهديد حركة الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن.