تكنولوجيا

الصين توقف تصدير المعادن النادرة إلى الشركات الأمريكية.. وترامب يرد

كتب: سعيد شريف

في خطوة انتقامية قررت الصين قطع إمدادات المعادن النادرة عن الشركات التكنولوجية الأمريكية.

وهذا الإجراء الذي يأتي كاستجابة للتعريفات التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد يؤثر بشكل كبير على قطاع الصناعات العالمي بأسره.

وتعتبر المعادن الصينية ضرورية لإنتاج أشباه الموصلات التي تعرف بأنها “دماغ الذكاء الاصطناعي” وتستخدم في صناعات السيارات الكهربائية وأنظمة الدفاع المتقدمة والأجهزة الإلكترونية والعديد من التقنيات المتطورة.

وبما أن الصين تهيمن على هذه المعادن وعمليات معالجتها فإن الحظر الذي فرضته يهدد سلسلة التوريد الأمريكية مما دفع إدارة ترامب إلى اتخاذ إجراءات مضادة.

نطاق حظر التصدير الصيني

في 4 أبريل الجاري أعلنت وزارة التجارة الصينية عن فرض قيود على تصدير سبعة عناصر معدنية نادرة وهي الساماريوم والغادولينيوم والتيربيوم والديسبروسيوم واللوتيتيوم والسكانديوم والإيتريوم.

وتعتبر هذه المعادن ضرورية في تصنيع مغناطيسات دائمة عالية القوة التي تستخدم في مجموعة متنوعة من التقنيات بما في ذلك محركات المركبات الكهربائية وأنظمة الدفاع.

وتتطلب القيود الجديدة من المصدرين الحصول على تراخيص خاصة لكن هذا الإجراء أدى فعليا إلى توقف الصادرات نظرا لعدم تنظيم السلطات الصينية لعمليات إصدار التراخيص بالإضافة إلى البيروقراطية المتفشية في مؤسسات الدولة.

تشير التقارير إلى أن المديرين التنفيذيين في قطاع التكنولوجيا يشعرون بالقلق من احتمال تأخر أو تباطؤ عملية إصدار التراخيص مما قد يؤدي إلى نفاد مخزونهم من هذه المعادن وانخفاض الإنتاج خارج الصين.

التأثير على الصناعات الأمريكية

قطاع السيارات

يعتمد قطاع السيارات في الولايات المتحدة وخاصة السيارات الكهربائية بشكل كبير على مغناطيسات المعادن النادرة المستخدمة في صناعة المحركات وقد يؤدي انقطاع إمدادات هذه المعادن إلى عرقلة الإنتاج ويعوق التحول نحو استخدام المركبات الكهربائية على نطاق واسع.

كما تشكل الحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين تهديدا كبيرا لصناعة السيارات الكهربائية الأمريكية حيث يتوقع أن تنخفض مبيعات السيارات السنوية في الولايات المتحدة بمقدار يصل إلى مليوني سيارة نتيجة لاضطرابات سلسلة التوريد وفقا لموقع أكسيوس الأمريكي.

الفضاء والدفاع

تستخدم المعادن الصينية في تصنيع أنظمة الطائرات المتطورة والمعدات العسكرية بالإضافة إلى تطبيقات متنوعة تشمل أنظمة التوجيه وأجهزة الاتصالات.

ويشكل حظر التصدير تهديدا لإنتاج هذه الأنظمة الحيوية وصيانتها عند الحاجة كما أن تعليق الصين لصادراتها من المعادن يؤثر سلبا على الصناعات الأمريكية بما في ذلك أنظمة الدفاع.

صناعة أشباه الموصلات

وتعتبر أشباه الموصلات جزءا أساسيا من جميع الصناعات الإلكترونية وتمثل السيطرة على إنتاجها وحيازتها عاملا حاسما في تحديد هوية القوى العظمى على مدى العقود القادمة.

يمكن أن يؤدي تعليق الصين لتصدير معادنها النادرة والأساسية إلى تفاقم التحديات الحالية في سلسلة توريد أشباه الموصلات مما قد يؤثر على إنتاج وفعالية مجموعة واسعة من المنتجات الإلكترونية.

استجابات استراتيجية لإدارة ترامب

تعمل إدارة الرئيس ترامب على إعداد أمر تنفيذي يتيح تخزين المعادن الموجودة في أعماق البحار وذلك لمواجهة هيمنة الصين على معادن البطاريات وسلاسل توريد المعادن النادرة وفقا لما أفادت به صحيفة فاينانشال تايمز نقلا عن مصادر مطلعة.

في هذا السياق تكثف شركة “أم بي ماتيريالز” التي تدير منجم ماونتن باس في كاليفورنيا – وهو المنشأة الوحيدة في الولايات المتحدة لتعدين ومعالجة المعادن النادرة – جهودها لإنتاج وتكرير هذه العناصر محليا.

كما بدأت الشركة أيضا بإنتاج معادن النيوديميوم-براسيوديميوم “NdPr” في منشأة جديدة بمدينة فورت وورث تكساس.

وفي حديثه ” أشار مايك سكستون المستشار السياسي الأول لشؤون الأمن السيبراني في برنامج الأمن القومي التابع لمؤسسة “Third Way” إلى أن الولايات المتحدة تستكشف مصادر بديلة من خلال تعزيز الإنتاج المحلي وإعادة التدوير واستبدال المواد بالإضافة إلى إقامة شراكات دولية.

حققت الشركات الأمريكية في مجال التكنولوجيا مثل نيفيديا “تقدما كبيرا” في تطوير وحدات معالجة الرسوميات الخاصة بالذكاء الاصطناعي متفوقة على منافسيها.

ويشير أوز سلطان الخبير في تكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني إلى أن وحدات معالجة الرسوميات H100 وH200 قادرة على معالجة مئات الآلاف من نقاط البيانات “الرموز” في الثانية.

وتستكشف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إمكانية إقامة شراكات مع دول غنية بالمعادن الأساسية وتشير التقارير إلى وجود مناقشات مع جمهورية الكونغو الديمقراطية لضمان الوصول إلى موارد الكوبالت والليثيوم الضرورية لتقنيات البطاريات.

ويستخدم ترامب التعريفات الجمركية كوسيلة لتعزيز الإنتاج المحلي في مختلف الصناعات وتقليل الاعتماد على المواد المستوردة من الصين وقد فرضت الإدارة الأمريكية تعريفات جمركية على الواردات الصينية بما في ذلك تعريفة بنسبة 25% على مغناطيسات المعادن النادرة.

مصادر بديلة واستراتيجيات طويلة الأمد

تعتبر شركة “ريدوود ماتيريالز” من الشركات الرائدة في مجال إعادة تدوير بطاريات الليثيوم أيون حيث تركز على استعادة مواد أساسية مثل الليثيوم والنيكل والكوبالت.

وتتولى الولايات المتحدة قيادة جهود دولية لتأمين إمدادات مستقرة من المعادن النادرة وتنويع سلاسل التوريد مع تعزيز التعاون مع دول مثل أستراليا التي تمتلك موارد معدنية نادرة وفيرة.

بالإضافة إلى أنشطة التعدين تسعى إدارة الرئيس ترامب إلى تعزيز القدرات المحلية في معالجة وتصنيع العناصر المعدنية النادرة ويتضمن ذلك الاستثمار في منشآت قادرة على إنتاج مغناطيسات عالية القوة ومكونات أساسية أخرى لمختلف الصناعات.

حرب التعريفات الجمركية

في الثاني من أبريل الجاري زاد الرئيس دونالد ترامب من حدة المواجهة التجارية مع الصين من خلال فرض مجموعة من الرسوم الجمركية المرتفعة.

وأعلن ترامب عن تطبيق رسوم جمركية شاملة بنسبة 10% على معظم الواردات مما أدى إلى رفع المعدل الفعلي للرسوم على السلع الصينية إلى 54% ثم زادت هذه الرسوم لتصل إلى 145% مما دفع الصين للرد بفرض رسوم جمركية تصل إلى 125% على المنتجات الأمريكية.

وأوضحت الإدارة الأمريكية أن هذه الإجراءات تهدف إلى معالجة الاختلالات في الميزان التجاري ومخاوف تتعلق بالأمن القومي، خاصة فيما يتعلق بالاتجار بالفنتانيل.

ومع ذلك يجادل المنتقدون بأن هذه السياسة قد تلحق الضرر بالمستهلكين والشركات الأمريكية.

وفي إطار الردود الانتقامية رفعت الصين في 11 أبريل الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية من 84% إلى 125%.

كما فرضت الصين رسوما انتقامية على سلع أمريكية بقيمة مئات المليارات من الدولارات مستهدفة بشكل خاص المنتجات الزراعية والسيارات والسلع الصناعية الأمريكية.

وأوقفت الصين مشترياتها من فول الصويا الأمريكي ومنتجات زراعية أخرى وسعت إلى إيجاد موردين بديلين وقدمت شكاوى إلى منظمة التجارة العالمية.