الإمارات.. إطلاق أول نموذج ذكاء اصطناعي باللغة العربية

أعلن معهد الابتكار التكنولوجي، الجهة البحثية التطبيقية لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة في أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة، عن إطلاق نموذجين جديدين يمثلان خطوة بارزة في تقدم الذكاء الاصطناعي في المنطقة، وهما فالكون عربي وفالكون H1.
فالكون عربي هو أول نموذج ذكاء اصطناعي يستخدم اللغة العربية ضمن سلسلة فالكون، وقد أصبح رسمياً النموذج العربي الأكثر كفاءة في الشرق الأوسط. بينما فالكون H1 هو نموذج مبتكر بالكامل يعيد النظر في معايير الأداء بفضل تصميم ذكي يقدم إمكانيات متقدمة مع الاستخدام الأمثل للموارد.
صدر الإعلان خلال كلمة رئيسية ألقاها فيصل البناي، مستشار رئيس الدولة لشؤون الأبحاث الاستراتيجية والتكنولوجيا المتقدمة، وأمين عام مجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة، ضمن فعاليات منتدى “اصنع في الإمارات” في أبوظبي. تم تطوير نموذج “فالكون عربي” بناءً على الإصدار “فالكون 3 – 7بي”، ويعتبر من أكثر النماذج تقدمًا في اللغة العربية على الإطلاق، حيث تم تدريبه على بيانات عالية الجودة باللغة العربية الأصلية غير المترجمة، والتي تشمل اللغة العربية الفصحى واللهجات الإقليمية، مما يمنحه قدرة متميزة على فهم التنوع اللغوي في العالم العربي.
وفقًا لتقييمات منصة “Open Arabic LLM Leaderboard”، يتفوق “فالكون عربي” على جميع النماذج العربية المتاحة في المنطقة، ويظهر أن التصميم الفعال يتفوق على الحجم، حيث يضاهي أداء نماذج أكبر منه بعشرة أضعاف. أما نموذج “فالكون H1″، فهو مصمم لتوسيع إمكانية الوصول إلى الذكاء الاصطناعي عالي الأداء من خلال تقليل الاعتماد على الموارد الحاسوبية الكبيرة أو الخبرات التقنية المتقدمة.
يأتي هذا النمط استجابة للنجاح الذي حققته سلسلة “فالكون 3″، التي حققت مراكز متقدمة عالميًا كنماذج قابلة للتشغيل على وحدة معالجة رسوميات واحدة، مما يتيح للمطورين والشركات الناشئة والمؤسسات الصغيرة اعتماد الذكاء الاصطناعي المتقدم بتكلفة منخفضة ومرونة عالية.
أعرب فيصل البناي عن اعتزازه بإدخال اللغة العربية إلى سلسلة فالكون، مشيراً إلى أن النموذج الأكثر كفاءة في العالم العربي تم تطويره بالكامل في دولة الإمارات. وأكد أن القيادة في مجال الذكاء الاصطناعي اليوم تقاس ليس بالحجم بل بمدى فعالية الحلول وسهولة استخدامها وشموليتها.
وتتميز فالكون “H1” أيضاً بدعمه للغات ذات الأصل الأوروبي، حيث يتمتع لأول مرة بقدرة توسعية لدعم أكثر من 100 لغة، وذلك بفضل مشفر لغوي متعدد اللغات تم تدريبه على بيانات متنوعة.
جاء تطوير فالكون “H1” كاستجابة متزايدة للطلب العالمي على أنظمة ذكاء اصطناعي مرنة وفعالة وسهلة الاستخدام. ويمتاز النموذج الجديد، الذي يحمل الرمز “H” تكريماً لبنيته الهجينة التي تمزج بين قوة بنية “Transformer” وسلاسة بنية “Mamba”، بسرعة استدلال فائقة واستهلاك منخفض للذاكرة، مع الحفاظ على أداء متقدم في شتى الاختبارات القياسية.
وقالت الدكتورة نجوى الأعرج، الرئيس التنفيذي لمعهد الابتكار التكنولوجي: “لم نعتبر فالكون “H1″ مجرد إنجاز بحثي، بل كنا نتعامل معه كمشكلة هندسية تتطلب حلولاً استثنائية. كيف يمكننا تحقيق أعلى مستويات الكفاءة دون التنازل عن الأداء؟ هذا النموذج يجسد رؤيتنا لبناء أنظمة متطورة يكون لها تأثير عملي ملموس.”
وتشمل عائلة فالكون “H1” نماذج متعددة الأحجام مثل: “34بي، و7بي، و3بي، و1.5بي، و1.5بي-ديب، و500إم“، مما يوفر مجموعة واسعة من نسب الكفاءة إلى الأداء، مما يمكّن المطورين من اختيار النموذج الأنسب لبيئة التشغيل.
تسمح النماذج الأصغر بالعمل على أجهزة متقدمة ذات موارد محدودة، بينما يتفوق النموذج الرئيسي “34بي” على نماذج “LlaMa“ من ميتا و“Qwen“ من علي بابا في المهام الأكثر تعقيدًا.
من جهته، قال الدكتور حكيم حسيد، رئيس وحدة الأبحاث في مركز أبحاث الذكاء الاصطناعي والعلوم الرقمية في المعهد، إن سلسلة فالكون “H1” تثبت كيف يمكن لبنية جديدة أن تفتح آفاق جديدة في تدريب الذكاء الاصطناعي، وتُبرز في الوقت نفسه إمكانات النماذج فائقة الصغر.
تفوقت جميع نماذج سلسلة فالكون “H1” على نظيراتها ذات الحجم المضاعف، مما وضع معياراً جديداً في كفاءة الأداء. كما أظهرت النماذج تفوقًا في مجالات مثل الرياضيات، التحليل، البرمجة، وفهم السياقات الطويلة، بالإضافة إلى المهام متعددة اللغات. تُستخدم نماذج فالكون حاليًا في تطبيقات حقيقية حول العالم، حيث ساهمت، بالتعاون مع مؤسسة بيل وميليندا غيتس، في تطوير نموذج “AgriLLM” الذي يساعد المزارعين في اتخاذ قرارات ذكية تحت ظروف مناخية معقدة.
تم تحميل مجموعة فالكون أكثر من 55 مليون مرة على مستوى العالم، وتُعتبر اليوم واحدة من أقوى النماذج المفتوحة وأكثرها ثباتاً في الأداء على الإطلاق، وأبرز النماذج التي جاءت من منطقة الشرق الأوسط. جميع نماذج فالكون متاحة كمصدر مفتوح عبر منصتَي “Hugging Face وFalconLLM.TII.ae” وفقًا لرخصة فالكون الخاصة بمعهد الابتكار التكنولوجي، المبنية على رخصة أباتشي 2.0، والتي تهدف إلى تعزيز تطوير ذكاء اصطناعي مسؤول وأخلاقي.