سياسة

تصعيد إسرائيلي في رفح يهدد اتفاق معاهدة السلام مع مصر

كتب: سعيد شريف

في تطور عسكري غير مسبوق تواصل إسرائيل تعزيز وجودها في جنوب قطاع غزة حيث تسعى للسيطرة على حوالي 50% من أراضيه بالإضافة إلى إنشاء مناطق عازلة تشمل إخلاء مدينة رفح بالكامل مما يهدد حدود غزة مع مصر.

وفي هذا السياق تراقب القاهرة الوضع عن كثب وتحذر من أي مساس بالأمن القومي.

وقال الخبير العسكري والاستراتيجي المصري محمود محيي الدين إن مصر تتابع التطورات الميدانية بدقة مشيرا إلى أن دورها كوسيط لا يعني التفاوض بشأن أمنها القومي.

وأضاف: “ما تقوم به إسرائيل يهدد فلسفة السلام ويحول التعايش إلى مشروع حرب مفتوحة”.

وحذر محيي الدين من أن استمرار إسرائيل في فصل غزة جغرافيا عن مصر قد يجبر القاهرة على “إعادة تقييم دقيقة للملحق الأمني في اتفاقية كامب ديفيد” في إشارة إلى البنود التي تنظم الانتشار العسكري على جانبي الحدود.

نفي إسرائيلي لأي نوايا عدائية تجاه مصر

في هذا السياق صرح ألون أفيتار، المستشار السابق في وزارة الدفاع الإسرائيلية بأن بلاده “لا تسعى لتقويض السلام مع مصر” مشيرا إلى أن العمليات العسكرية في غزة تستهدف “البنية التحتية لحركة حماس وإعادة المحتجزين الإسرائيليين”.

كما أكد أفيتار أن الاتفاق مع مصر يمثل “مصلحة استراتيجية ثابتة” وأن التنسيق الأمني مستمر “بموافقة الطرفين” نافيا وجود أي انتشار عسكري إسرائيلي في سيناء.

محاور إسرائيلية جديدة تفكك غزة وتثير قلق القاهرة

تشير المعطيات الميدانية إلى أن إسرائيل قد أنشأت خمسة محاور رئيسية داخل غزة من بينها “محور فيلادلفيا الثاني” الذي يربط بين رفح وخان يونس بالإضافة إلى ممرات تفصل شمال القطاع عن وسطه وجنوبه.

وترى القاهرة أن هذا التقسيم يعزل غزة عن عمقها المصري مما يكرس واقعا ميدانيا “يهدد السيادة ويقوض الحقوق الفلسطينية”.

الملحق الأمني تحت المجهر

في سياق متصل أعرب محيي الدين عن رفضه للحديث الإسرائيلي حول منح مصر “الضوء الأخضر” لتحريك قواتها في سيناء مؤكدا أن “مصر تتحرك وفقا لاتفاقية السلام ولا تحتاج إلى إذن من أحد”.

كما أشار إلى أن التحديات الأمنية الراهنة بدءا من الإرهاب العابر للحدود وصولا إلى استهداف الملاحة في البحر الأحمر تتطلب تطوير آليات الردع دون أي قيود.

رسائل مصرية: لا نية للتصعيد.. لكن جميع الخيارات مفتوحة

أكد محيي الدين أن ما تسميه القاهرة “الصبر الاستراتيجي” لا يعني غياب الخيارات المتاحة وقال: “إذا استمرت إسرائيل في فرض واقع استيطاني على الحدود فإن مصر ستعيد النظر في جميع المسارات السياسية والأمنية بما في ذلك إمكانية تعليق الملحق الأمني”.

وأضاف: “مصر في عام 2025 ليست كما كانت في عام 1979 فمجتمعها وجيشها قادران على حماية حدودهما ومصالحهما” مشيرا إلى أن تل أبيب “ترتكب خطأ استراتيجيا إذا اعتقدت أن السلام المكتوب يكفي لضمان العلاقة مع القاهرة”.

أزمة غزة تختبر متانة اتفاق السلام

في ظل التصعيد الحالي يبقى اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل في اختبار حقيقي مع اتساع الفجوة بين التنسيق السياسي والتغيرات الميدانية.

ويشير المراقبون إلى أن التوتر الراهن لا يهدد فقط العلاقة بين البلدين بل يعيد فتح النقاش حول مستقبل غزة وحدودها ودورها الجيوسياسي.