النيابة الإدارية تحيل طبيبة مستشفى كفر الدوار للمحاكمة التأديبية العاجلة
كتب: هيثم نورالدين
أصدرت النيابة الإدارية في كفر الدوار قرارًا بإحالة طبيبة تعمل في مستشفى كفر الدوار العام إلى المحاكمة التأديبية العاجلة.
جاء ذلك بعد أن قام مركز الإعلام والرصد، بناءً على توجيهات المستشار عبد الراضي صديق، رئيس هيئة النيابة الإدارية، برصد مقطع فيديو تم تداوله على عدة منصات للتواصل الاجتماعي. في هذا الفيديو، ظهرت سيدة تدعي أنها طبيبة في تخصص أمراض النساء والتوليد، حيث قامت بسرد مجموعة من الوقائع المتعلقة بحالات نسائية ترددت عليها للكشف الطبي، مما يعد انتهاكًا لحقوق المريضات ويخالف آداب مهنة الطب والأصول الطبية المعترف بها.
بعد إبلاغ وحدة شئون المرأة وحقوق الإنسان وذوي الإعاقة بما تم رصده، قامت الوحدة بفحص الواقعة وتبين أن المعنية تعمل طبيبة في مستشفى كفر الدوار العام. وعلى الفور، أحالتها الوحدة إلى النيابة المختصة لمباشرة التحقيق العاجل.
وخلال التحقيقات التي أجراها الحسن يحي الصياد، وكيل النيابة، تحت إشراف المستشار عاطف الشواربي، مدير النيابة، أصدرت النيابة أمراً بتشكيل لجنة من مديرية الشئون الصحية بمحافظة البحيرة لفحص الواقعة. كما قامت النيابة بمعاينة مقر عمل المتهمة في المستشفى برفقة اللجنة المشكلة، واطلعت على كافة سجلات قسم النساء والتوليد وسجلات قسم الأطفال والحضانات، بالإضافة إلى دفاتر قسم الاستقبال وتقارير الشرطة الواردة، وسلمت هذه السجلات للجنة لإعداد التقرير الفني.
استمعت النيابة خلال التحقيقات إلى أقوال عدد من المسؤولين في مديرية الشؤون الصحية بمحافظة البحيرة، حيث شملت الاستماع إلى مدير إدارة العلاج الحر، ومدير الزمالة المصرية، ومدير إدارة الرعاية الحرجة والعاجلة، ورئيس اللجنة المكلفة بالفحص. كما استمعت النيابة أيضًا إلى أقوال مدير إدارة العلاج الحر بالإدارة الصحية بكفر الدوار. بالإضافة إلى ذلك، قامت النيابة بمخاطبة عدة جهات، منها إدارة العلاج الحر بالإسكندرية، وإدارة العلاج الحر بالبحيرة، والأمانة العامة للجنة العليا للتخصصات الطبية – الزمالة المصرية، وذلك للحصول على إفادات حول المؤهلات العلمية للطبيبة المذكورة ومدى أحقيتها في العمل كأخصائية نساء وتوليد في العيادات والمستشفيات الخاصة. كما كلفت النيابة قسم البحث الجنائي بمركز شرطة كفر الدوار بإجراء التحريات حول عمل الطبيبة في عدد من العيادات الخاصة.
أظهرت التحقيقات أن الطبيبة المعنية، بصفتها موظفًا عامًا، قد انتهكت أحكام قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية ومدونة السلوك الوظيفي، من خلال ارتكابها مجموعة من المخالفات التأديبية والمسلكية التي تمثلت في:
1- قامت بنشر مقطع فيديو على صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، حيث تضمن انتهاكًا لحقوق المريضات من خلال إفشاء بيانات طبية سرية لبعض المرضى. وقد حصلت على هذه المعلومات بحكم وظيفتها في المستشفى، دون أن تحصل على إذن أو تصريح مسبق من المرضى أو من جهة عملها.
2- قامت بنشر إشاعات كاذبة من خلال تعميم حالات فردية اطلعت عليها أثناء عملها في مستشفى كفر الدوار العام، تتعلق بوجود أطفال مجهولي النسب في حضانة المستشفى، مما يوحي بانتشار هذه الحالات بشكل مبالغ فيه وغير صحيح. كما أسقطت هذه الأفعال على عموم الشعب المصري، مستخدمة خطابًا تحريضيًا ضد النساء والفتيات، ووصمتهن أخلاقيًا بادعاء انتشار حالات حمل الفتيات القاصرات دون علم ذويهن. بالإضافة إلى ذلك، طالبت الأزواج والآباء بإجراء تحليل البصمة الوراثية “DNA” للتحقق من صحة نسب أبنائهم.
3- قامت بكتابة منشور على صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، حيث سخرت من الآلام الشديدة التي تعاني منها إحدى السيدات التي خضعت للكشف الطبي بعد زيارتها للمستشفى، بسبب ما وصفته بتعرضها للاعتداء من قبل زوجها باستخدام مادة حارقة. وهذا يعد جريمة جنائية تستدعي الإبلاغ عنها للجهات المختصة، مما يشكل انتهاكًا لأحكام القانون وقَسَم ممارسة المهنة ولائحتها.
4- أساءت استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من خلال نشر عدة منشورات على صفحتها في “فيسبوك”، حيث استخدمت عبارات وألفاظ تسيء إلى الآخرين، مما لا يتناسب مع مهنتها كطبيبة وموظفة عامة. وقد استغلت المعلومات التي حصلت عليها بسبب وظيفتها لتحقيق نسب مشاهدة والترويج للعيادات التي تعمل بها، مما يعد انتهاكًا للقانون.
5- تدعي أنها أخصائية في النساء والتوليد، وتستخدم هذه الصفة في الترويج لنفسها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كما أنها تعمل في أحد المستشفيات الخاصة وعدد من العيادات الخاصة في محافظتي البحيرة والإسكندرية، على الرغم من عدم اجتيازها فترة الزمالة المطلوبة للتخصص، والتي تحدد قانونًا بخمس سنوات.
6- قيامها بالتعليق على حكم قضائي صدر ضد مريضة قامت بفحصها، مع استهانتها بالعقوبة المقررة، يُظهر خلطًا غير مقبول بين آرائها الأخلاقية الشخصية وواجباتها المهنية وقَسَمها لممارسة المهنة ولائحتها. كما يُعتبر ذلك انتهاكًا لمفهوم العقوبة الجنائية وأهدافها.
7- امتناعها عن تقديم الرعاية الطبية الضرورية لإنقاذ سيدة فقدت وعيها عند مدخل العيادة التي تعمل بها، رغم استغاثة الأهالي بها، يُعتبر تقاعسًا خطيرًا عن التزامها كطبيبة وفقًا لما ينص عليه الدستور والقانون. كما يُظهر هذا الخلط غير المقبول بين مبادئها الأخلاقية الشخصية وواجبها المهني، ويعد انتهاكًا لقَسَم ممارسة مهنة الطب ولائحته.
في ضوء ما أظهرته التحقيقات من انتهاكات خطيرة ارتكبتها المتهمة، دون مراعاة لما تفرضه عليها الوظيفة العامة بشكل عام ومهنة الطب بشكل خاص، من ضرورة التحلي بالأخلاق الحميدة واحترام القسم الذي أدته لممارسة هذه المهنة، انشغلت بالتجسس على خصوصيات الناس. وقد نصبت نفسها قاضية أخلاقية على مريضاتها من النساء والفتيات اللاتي لجأن إليها طلبًا للشفاء والعلاج، متجاهلةً القسم الذي أقسمته لممارسة هذه الرسالة النبيلة، والذي يلزمها بحماية خصوصية المرضى والحفاظ على أسرارهم، وتقديم العلاج والرعاية الطبية لهم دون أي تمييز. بل استغلت منصبها في تشويه سمعة مريضاتها وانتهاك حقهن الدستوري في الخصوصية، واستخدمت وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الشائعات والتعميمات الكاذبة على مجتمع كامل، مما أساء إليه ووصمه بالانحلال الأخلاقي. كما استخدمت لغة وألفاظًا لا تليق بموظف عام يمتهن مهنة نبيلة كطب. إن الأفعال التي ارتكبتها المتهمة تتجاوز مجرد مخالفة للقانون المحلي ولائحة ممارسة مهنة الطب، لتشكل انتهاكًا صارخًا للحق في الخصوصية، وهو حق أساسي كفله الدستور المصري والمواثيق الدولية التي وقعت عليها.
بعد عرض نتائج التحقيقات على فرع الدعوى التأديبية في البحيرة، وافق المستشار أحمد حسين، مدير الفرع، على مذكرة الفحص التي أعدها المستشار عبد الرؤوف الخويسكي، والتي تتضمن إحالة المتهمة المذكورة إلى المحاكمة التأديبية العاجلة.