إسرائيل تزيد هجماتها على غزة.. ومصر تتحرك من أجل التهدئة

كتب: سعيد شريف
تشهد الأوضاع في قطاع غزة تصعيدا متزايدا حيث يقوم الجيش الإسرائيلي بتوسيع عملياته البرية والجوية في عمق القطاع في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة.
وفي هذه الأثناء تسعى القاهرة لفتح قناة سياسية جديدة من خلال اقتراح استئناف مفاوضات الهدنة رغم الجمود السياسي والإصرار العسكري من تل أبيب على الحسم.
توسيع العمليات العسكرية
أعلن الجيش الإسرائيلي عن توسيع نطاق عملياته في قطاع غزة على ثلاثة محاور رئيسية: الشمال – الجنوب – الشرق وتأتي هذه الخطوة في إطار استراتيجية تهدف إلى تضييق الخناق على حركة حماس وتدمير بنيتها التحتية العسكرية بالإضافة إلى فرض ما يعرف بـ”المنطقة العازلة” على طول الحدود.
ووفقا لمصدرنا فإن القوات الإسرائيلية بدأت تعتمد على تكتيك “القضم التدريجي” بهدف السيطرة على مزيد من الأراضي داخل قطاع غزة.
ويشير المصدر إلى أن “الجيش الإسرائيلي يوسع نطاق هجماته للسيطرة على مناطق جديدة في إطار هدفه المعلن المتمثل في الضغط على حماس وتدمير البنى التحتية واستهداف النشطاء”.
كما أفاد أن “الفرقة 252 تعمل في شمال القطاع بينما تتقدم الفرقة 32 في الجنوب” لافتا إلى أن الغارات الأخيرة أسفرت عن مقتل أكثر من 250 ناشطا من بينهم 12 قائدا بارزا بالإضافة إلى استهداف نحو 600 هدف عسكري.
واختتم البنا بالقول إن الجيش يحرص على الحفاظ على الغموض في تحركاته وهو ما أكده رئيس الأركان الإسرائيلي مؤخرا بقوله إن “المباغتة تعد عنصرا أساسيا في مواجهة حماس”.
“خطة عسكرية – إنسانية هجينة”
أبرز مصدرنا في تحليله ظهور ملامح “خطة عسكرية-إنسانية هجينة” تعتمد على إنشاء ما تعرفه التقارير الإسرائيلية بـ”الجزر الإنسانية”.
ويتم إخلاء هذه المناطق بالقوة من سكانها وتخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية مع إمكانية إعادة توطين السكان فيها لاحقا بعد إجراء “فلترة أمنية”.
ويشير البنا إلى أن هذا المخطط الذي يشبه نموذج المناطق العازلة طويلة الأمد قد يكون تمهيدا لتطبيق جزئي لما يعرف بـ”صفقة ترامب” أو حتى لفرض واقع سياسي جديد بعيدا عن حماس والسلطة الفلسطينية.
قصف متواصل… ومعاناة إنسانية خانقة
ووفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية ارتفع عدد الضحايا في قطاع غزة منذ فجر الجمعة إلى 38 قتيلا معظمهم من المدنيين بما في ذلك نازحون كانوا يلجأون إلى مدرسة في حي التفاح شرقي مدينة غزة واستهدفت الغارات منطقة قريبة من محطة طبرية للمياه مما أدى إلى انقطاع المياه عن نحو 70% من سكان مدينة غزة وجنوب القطاع.
ويؤكد المصدر أن الغارات الإسرائيلية استهدفت بشكل خاص مناطق الشجاعية والزيتون والتفاح ويشير إلى أن “العديد من العائلات محاصرة والقصف المكثف على الخيام والمنازل يعيق قدرتهم على الخروج”.
في الوقت نفسه تبدو المستشفيات عاجزة عن استيعاب العدد المتزايد من الضحايا في ظل نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية مع تحذيرات من الأمم المتحدة تفيد بأن “ثلثي القطاع أصبح في مناطق معرضة للإخلاء أو خطرة”.
التحرك المصري
في ظل التصعيد العسكري تسعى مصر إلى التحرك على الصعيد السياسي فقد كشفت هيئة البث الإسرائيلية أن القاهرة قدمت مقترحا جديدا يهدف إلى إعادة حماس وإسرائيل إلى طاولة المفاوضات تحت صيغة “التفاوض تحت النيران” وهي مقاربة تعتبرها مصر ضرورية لكسر الجمود الحالي.
تركز المبادرة المصرية وفقا للمصادر على معالجة الفجوات المتعلقة بملف الأسرى الذي يعد العائق الرئيسي أمام التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
تتضمن المبادرة خطوات أولية لتحديد مستقبل إدارة غزة بعد الحرب من خلال دعوة وفد من حركة فتح إلى القاهرة لمناقشة “ترتيبات حكم غزة في مرحلة ما بعد حماس”.
ومن المتوقع أن تتعزز هذه الجهود مع الزيارات الدبلوماسية المرتقبة أبرزها زيارة المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف إلى المنطقة بالإضافة إلى زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مدينة العريش المصرية والتي تهدف إلى إرسال رسالة دعم فرنسية لوقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.
إسرائيل تفرض شروطا “تعجيزية”
وعلى الرغم من الضغوط الدولية لا تظهر إسرائيل حتى الآن أي مرونة حقيقية لوقف العمليات وفي هذا السياق أوضح وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن الحرب ستتوقف فقط “إذا سلمت حماس سلاحها وسحبت مقاتليها من غزة”.
أشار إلى إمكانية تفعيل خطة تهجير سكان غزة موضحا أن خطة ترامب يمكن تنفيذها “إذا وافقت دول على استقبال من يرغب في مغادرة غزة”.
وفي هذا السياق أفادت صحيفة “هآرتس” استنادا إلى مصادر رسمية بأن هناك اتصالات إسرائيلية مع عدة دول لمناقشة إمكانية تهجير سكان القطاع مما يثير مخاوف كبيرة من “حلول جذرية بالقوة” تفرض على الفلسطينيين دون أي إطار تفاوضي.
بين تصعيد عسكري غير مسبوق وضغوط دولية متزايدة يبقى مستقبل غزة معلقا على خيط رفيع من الدبلوماسية حيث تواصل إسرائيل توسيع أراضيها وزيادة العمليات العسكرية بينما تصمد حماس على الأرض رغم الخسائر.
وفي الوقت ذاته تسعى القاهرة بدعم من تحركات أمريكية وأوروبية إلى انتزاع فرصة للتفاوض قبل أن تتفاقم الأزمة بشكل لا يمكن السيطرة عليه.